مصر تواجه "المرض النادر".. حين يتحول الطعام إلى سم

في حياة مريض الـ"بي كي يو"، وهو أحد الأمراض الوراثية النادرة، يكون أي طعام يحتوي على البروتين بمثابة سم، فتناول قطعة لحم بسيطة قد تخلق دمارا داخل جسده يصعب إيقافه، خاصة في مرحلة الطفولة، فكيف يحدث ذلك؟

في سياق التعرف أكثر إلى المرض، يقول مدرس الأمراض الجلدية والتناسلية بكلية طب عين شمس، الدكتور أحمد يوسف، إن مرض الـ"بي كي يو" نادر لكنه شديد الخطورة، ويحتاج إلى التعامل معه بحذر لأن عواقبه تكون وخيمة ومؤثرة بشكل كبير على حياة حامله، إذا لم يتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة.

كما يوضح يوسف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن المرض ينتج عن عدم قدرة الجسم على التعامل مع البروتينات، بسبب غياب أنزيم داخل خلايا الكبد، دوره هو التعامل مع الـ"فينيل آلانين" الموجود في تلك المواد الغذائية.

وأشار إلى أنه نتيجة لغياب عمل الأنزيم، يتحول "الفينيل آلانين" إلى مادة شديدة السمية، تؤثر بشكل سلبي على الخلايا العصبية في المخ، مؤدية للإصابة بالتخلف العقلي عند الأطفال، كما تؤدي لغياب صبغة "الميلانين" المسؤولة عن لون الشعر والجلد وقرنية العين، فتسهل إصابة المريض بطفح جلدي (إكزيما).

حملة مصرية

وأطلقت جمعية "مرسال" الخيرية، حملة لدعم أطفال الـ"بي كي يو" في مصر، إذ دشنت وسم (#ادعم_أطفال_pku)، عبر صفحاتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي.

وتقول رئيسة مجلس إدارة "مرسال"، هبة راشد، إن الجمعية تقدم عدة خدمات لمصابي هذا المرض النادر، أهمها هو الطعام المناسب، نظرا لصعوبة الحصول على طعام يحتوي على بروتين خالي من "الفينيل آلانين".

وتوضح راشد لموقع "سكاي نيوز عربية"، تواصل الجمعية مع مصانع مخصصة لإنتاج دقيق خالي من البروتين، ليساعدها في صناعة الطعام المقدم لأطفال الـ"بي كي يو".

وفي السياق ذاته، تشير إلى تقديم خدمات طبية أيضا للمصابين، من خلال إتاحة الأدوية الخاصة بعلاج الـ"بي كي يو" دعما لدور الدولة التي تقدم تلك الأدوية مجانا.

وأضافت: "الجمعية تحاول نشر الوعي الكافي عن المرض، لأن ندرة وجوده تسبب في عدم معرفة الجمهور به، فعدد المصابين بالـ(بي كي يو) في مصر يصل إلى حوالي 5 آلاف مصاب".

وتستخدم الجمعية مواقع التواصل الاجتماعي، لنشر معلومات عن المرض، وكيفية تعامل المصابين معه، ليدخل ضمن دوائر اهتمامات الجماهير، مما سيؤدي لزيادة الداعمين لأطفال الـ"بي كي يو".

كما تلقت حملة "مرسال" دعما من شخصيات عامة، كالمذيعة دعاء فاروق والممثل إسلام إبراهيم، إذ قاموا بنشر فيديوهات عبر صفحاتهم الشخصية يطالبون فيها متابعيهم بدعم أطفال الـ"بي كي يو".

واختتمت راشد حديثها بالقول: "الجمعية حاليا تدعم أكثر من 50 مصابا بالمرض، وسنحاول في المستقبل القريب زيادة العدد"، مؤكدة أن حدوث ذلك "مرتبط بدعم المواطنين للحملة".

أسباب المرض

ويقول الطبيب المصري أحمد يوسف، إن هناك أسباب عدة للإصابة بالمرض، أهمها زواج الأقارب، واستهتار السيدات الحاملات للمرض خلال فترة الحمل، باعتباره مرضا جينيا، ينتج عن زواج فردين حاملين لجين المرض.

وأوضح أنها عملية نادرة الحدوث بشكل عام، لكنها متواجدة بكثرة داخل زواج الأقارب، لزيادة فرص انتقال الجين المعلول والمسبب للمرض عبر الأجداد.

وفي السياق ذاته، أكد يوسف أن الأطباء دائما ينصحون السيدات الحاملات للمرض، بعدم تناول أي أغذية بروتينية، لأن المادة السامة المتسبب بها المرض داخل الجسم، تنتقل للمولود عن طريق الأم في مراحل تكوينه، مما يجعل إصابته بتخلف عقلي حتمية.

نصائح طبية

وبدوره، ينصح يوسف بضرورة عمل الفحوصات اللازمة للأجنة للتأكد من عدم إصابتهم بالمرض، لأن جهل الأسر بوجوده، تمهد الطريق لإصابة المولود بالتخلف العقلي، ومعاناة شديدة مع التهاب الجلد.

يشار إلى أن المادة السمية المتكونة في الجسم، تخرج عبر البول والعرق، فتجعل رائحة المريض أشبه بالفئران، كما تصف الكتب الطبية، مما يجعل من الصعب على المريض ممارسة حياته اليومية.

كما خاطب الطبيب المصري أسر أطفال "بي كي يو"، مطالبا إياهم بإبعاد أطفالهم قدر الإمكان عن المواد الغذائية البروتينية الحاملة للحمض أميني "فينيل ألانين"، حتى يكتمل نمو العقل في مراحل اكتمال البلوغ، والتي يختلف عمرها من شخص لآخر، لتجنب "التخلف العقلي".

ونوه إلى أن الطفل يمكنه حينها تناول تلك المواد الغذائية، متحملًا أثرها على الجلد وعلى رائحته، لكن سينجو بخلايا مخه من التدمير.

المصدر: سكاى نيوز عربية